فصل: (سورة الممتحنة: الآيات 4- 7)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الممتحنة: الآيات 4- 7]

{قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قول إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7)}

.اللغة:

{أُسْوَةٌ} بضم الهمزة وكسرها وقد قرئ بها أيّ القدوة وما يتعزى به والجمع أسى بضم الهمزة وكسرها أيضا.
{بَراءٌ} جمع بريء كظريف وظرفاء ويجمع أيضا على براء بكسر الباء كظريف وظرف وعلى براء بضم الباء كتؤام وظؤار وعلى أبراء وأبرياء والبريء الخالص والخالي وخلاف المذنب والمتهم.

.الإعراب:

{قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} كلام مستأنف مسوق لضرب المثال الجدير بالاحتذاء في النهي عن موالاة الكفّار والركون إلى الأعداء وأن الصدور المطوية على الضغن يجب أن تبقى على عدائها حتى يزول السبب القائم فإذا زال انقلبت العداوة مودّة والبغضاء محبة. و{قد} حرف تحقيق و{كانت} فعل ماض ناقص و{لكم} خبرها المقدّم و{أسوة} اسمها المؤخر و{حسنة} نعت لأسوة، و{في إبراهيم} لك أن تعلقه بمحذوف صفة ثانية لأسوة أو حال منها لأنها وصفت، وعبارة أبي البقاء: فيه أوجه: أحدها هو نعت آخر لأسوة والثاني هو متعلق بحسنة تعلق الظرف بالعامل والثالث أن يكون حالا من الضمير في حسنة والرابع أن يكون خبرا لكان ولكم تبيين ولا يجوز أن يتعلق بأسوة لأنها قد وصفت. وقد ردّ على أبي البقاء عدد من المعربين الوجه الأخير لأن الظروف يغتفر فيها ما لا يغتفر بغيرها، {والذين} عطف على {إبراهيم} و{معه} ظرف مكان متعلق بمحذوف هو الصلة للذين.
{إِذْ قالوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} {إذ} ظرف لما مضى من الزمن أي حين قالوا وهو بدل اشتمال من {إبراهيم والذين معه} وهذا أولى الأعاريب المتكلفة التي ذكرها أبو البقاء وغيره، وجملة {قالوا} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{لقومهم} متعلقان بقالوا وإن واسمها و{برآء} خبرها والجملة مقول قولهم و{منكم} متعلق ببرآء {ومما} عطف على {منكم} وجملة {تعبدون} صلة و{من دون اللّه} حال.
{كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} الجملة مفسّرة للتبرؤ منهم ومما يعبدون ولك أن تجعلها حالا أي تبرأنا منكم حال كوننا كافرين بكم، و{كفرنا} فعل وفاعل و{بكم} متعلق بكفرنا و{بدا} فعل ماض و{بيننا} ظرف متعلق ببدا {وبينكم} ظرف معطوف على {بيننا} و{العداوة} فاعل {والبغضاء} عطف على {العداوة} و{أبدا} ظرف متعلق ببدا أيضا و{حتى} حرف غاية وجر و{تؤمنوا} فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد {حتى} و{باللّه} متعلقان بتؤمنوا و{وحده} حال.
{إِلَّا قول إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} ما قبله مرتب عليه بطريق الحالية ويجوز العطف أيضا، و{ما} نافية و{أملك} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنا و{لك} متعلقان بأملك و{من اللّه} حال لأنه كان في الأصل صفة لشيء و{من} حرف جر زائد و{شيء} مجرور لفظا منصوب محلا على أنه مفعول {أملك}.
{رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} تتمة مقول قول الخليل إبراهيم والذين معه فهو من جملة المستثنى منه فيتأسى به فيه فهو في المعنى مقدّم على الاستثناء وجملة الاستثناء اعتراضية في خلال المستثنى منه وعبارة الكشاف:
فإن قلت بم اتصل قوله تعالى: {ربنا عليك توكلنا} قلت بما قبل الاستثناء وهو من جملة الأسوة الحسنة ويجوز أن يكون المعنى: قولوا ربنا أمرا من اللّه تعالى للمؤمنين بأن يقولوه وتعليما منه لهم تتميما لما وصّاهم به من قطع العلائق بينهم وبين الكفّار والائتساء بإبراهيم وقومه في البراءة منهم وتنبيها على الإثابة إلى اللّه والاستعاذة به من فتنة أهل الكفر والاستغفار مما فرط منهم. أي فهو مقول قول محذوف و{ربنا} منادى مضاف و{عليك} متعلقان بتوكلنا و{إليك} متعلقان بأنبنا والواو عاطفة و{إليك} خبر مقدّم و{المصير} مبتدأ مؤخر.
{رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} {ربنا} منادى مضاف أيضا و{لا} ناهية والمقصود به الدعاء و{تجعلنا} فعل مضارع مجزوم بلا ونا مفعول به أول و{فتنة} مفعول به ثان وهو مصدر بمعنى الفاعل أي لا تجعلنا فاتنين لهم بأن ينتصروا علينا فتقصف عقولهم وتفتتن وتسوّل لهم أنفسهم أنهم على حق، أو بمعنى المفعول كما قرر البيضاوي أي لا تجعلنا مفتونين بهم بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا طاقة لنا باحتماله، و{للذين} متعلقان بفتنة على الحالين وجملة {كفروا} صلة الموصول و{ربنا} منادى مضاف كرره للتأكيد وإن واسمها و{أنت} ضمير فصل أو مبتدأ و{العزيز} خبر إن أو خبر {أنت} والجملة خبر إن و{الحكيم} خبر ثان على كل حال.
{لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} الجملة تابعة لجملة {قد كانت لكم أسوة} تأكيد لها أتى بها للمبالغة في التحريض على الحكم. واللام موطئة لقسم مقدّر و{قد} حرف تحقيق و{كان} فعل ماض ناقص و{لكم} خبرها المقدّم و{فيهم} حال و{أسوة} اسم كان المؤخر و{حسنة} نعت لأسوة و{لمن} بدل بعض من كل من {لكم} بإعادة الجار وقيل بدل اشتمال وجملة {كان} صلة {لمن} واسم {كان} مستتر تقديره هو وجملة {يرجو اللّه} خبر {كان} {واليوم الآخر} عطف على {اللّه}.
{وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} الواو استئنافية و{من} اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ و{يتول} فعل الشرط وعلامة جزمه حذف حرف العلّة والفاء رابطة للجواب والجواب محذوف تقديره فإن وبال توليه على نفسه وإن واسمها وخبراها تعليل للجواب.
{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} {عسى} فعل من أفعال الرجاء و{اللّه} اسمها و{أن يجعل} في موضع الخبر و{بينكم} ظرف في موضع المفعول الثاني ليجعل و{بين الذين عاديتم} عطف على الظرف و{مودّة} مفعول {يجعل} الأول و{منهم} حال من {الذين عاديتم}.
{وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} مبتدأ وخبر وعطف عليهما مثيلهما.

.[سورة الممتحنة: الآيات 8- 9]

{لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}

.الإعراب:

{لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} كلام مستأنف مسوق لبيان الترخيص في صلة الذين لم يقاتلوا المؤمنين ولم يخرجوهم من ديارهم و{لا} نافية و{ينهاكم اللّه} فعل مضارع ومفعول به مقدم وفاعل مؤخر و{عن الذين} متعلقان بينهاكم وجملة {لم يقاتلوكم} صلة الموصول و{في الدين} متعلقان بيقاتلوكم أي لأجله.
{وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} {ولم يخرجوكم} عطف على {لم يقاتلوكم} و{من دياركم} متعلقان بيخرجوكم و{أن تبرّوهم} في موضع جر بدل اشتمال من {الذين}، {وتقسطوا إليهم} عطف على {تبروهم} وإن واسمها وجملة {يحبّ المقسطين} خبرها.
وجميل قول الزمخشري بهذا الصدد وناهيك بتوصية اللّه المؤمنين أن يستعملوا القسط مع المشركين به ويتحاموا ظلمهم مترجمة عن حال مسلم يجترئ على ظلم أخيه المسلم. {إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} {إنما} كافّة ومكفوفة و{ينهاكم اللّه} فعل مضارع ومفعول به مقدّم وفاعل مؤخر و{عن الذين} متعلقان بينهاكم وجملة {قاتلوكم} صلة {الذين} و{في الدين} متعلقان بقاتلوكم.
{وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} {وأخرجوكم} عطف على {قاتلوكم} و{من دياركم} متعلقان بأخرجوكم {وظاهروا} عطف أيضا و{على إخراجكم} متعلقان بظاهروا أي عاونوا على إخراجكم وأن وما في حيّزها بدل اشتمال من {الذين} وقد تقدم نظيره.
{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الواو استئنافية و{من} اسم شرط جازم مبتدأ و{يتولهم} فعل الشرط والفاء رابطة وجملة {أولئك هم الظالمون} في محل جزم جواب الشرط وفعل الشرط وجوابه خبر من.

.[سورة الممتحنة: الآيات 10- 13]

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (13)}

.اللغة:

{فَامْتَحِنُوهُنَّ} فابتلوهنّ واختبروهن ولذلك سمّيت السورة الممتحنة بكسر الحاء أي المختبرة، أراد المرأة أو الجماعة الممتحنة فقد ذكر فيها أمر جماعة المؤمنين بالامتحان، وإن فتحت الحاء يكون المعنى سورة المرأة المهاجرة التي نزلت فيها آية الامتحان وسيأتي حديثها في باب الفوائد.
{بِعِصَمِ الْكَوافِرِ} العصم جمع عصمة وهي هنا عقد النكاح وكل ما عصم به الشيء فهو عصام وعصمة وقد مرّت خصائص العين والصاد فاء وعينا، والكوافر جمع كافرة كضوارب في ضاربة.
وعبارة أبي حيان: وقال الكرخي: الكوافر يشمل الرجال والنساء فقال له أبو علي الفارسي النحويون لا يرون هذا إلا في النساء جمع كافرة فقال أليس يقال: طائفة كافرة وفرقة كافرة قال أبو علي: فبهت فقلت هذا تأييد. والكرخي هذا معتزلي فقيه وأبو علي معتزلي أيضا فأعجبه هذا التخريج وليس بشيء لأنه لا يقال كافرة في وصف الرجال إلا تابعا لموصوفها أو يكون محذوفا مرادا أما بغير ذلك فلا يجمع فاعلة على فواعل إلا ويكون للمؤنث.

.الإعراب:

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} {إذا} ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه وجملة {جاءكم} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{المؤمنات} فاعل مؤخر و{مهاجرات} حال والفاء رابطة وجملة امتحنوهنّ لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وهو فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به.
{اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} {اللّه} مبتدأ و{أعلم} خبر و{بإيمانهنّ} متعلقان بأعلم لأنه أفعل تفضيل والفاء عاطفة و{إن} شرطية و{علمتموهنّ} فعل الشرط وهو فعل وفاعل ومفعول به أول و{مؤمنات} مفعول به ثان والفاء رابطة للجواب لأنه جملة طلبية و{لا} ناهية و{ترجعوهنّ} فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون و{إلى} الكفّار متعلقان بترجعوهنّ.
{لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} الجملة لا محل لها لأنها تعليلية لقوله: {فلا ترجعوهنّ}، و{لا نافية} و{هنّ مبتدأ} و{حلّ خبر} و{لهم متعلقان} بحل {ولا هم يحلّون لهنّ} عطف على الجملة الآنفة مماثلة لها.
{وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا} الواو عاطفة و{آتوهم} فعل ماض وفاعل ومفعول به والضمير يعود إلى {الكفّار} أي أعطوا أزواجهنّ الكفّار ما أنفقوا عليهن، و{ما} مفعول به ثان وجملة {أنفقوا} صلة ما أي ما أنفقوا عليهنّ من المهور.
{وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} الواو عاطفة و{لا} نافية للجنس و{جناح} اسمها المبني على الفتح و{عليكم} خبر {لا} و{أن} حرف مصدري ونصب و{تنكحوهنّ} فعل مضارع منصوب بأن والمصدر المؤول في محل نصب بنزع الخافض أي في أن تنكحوهنّ والجار والمجرور متعلقان بجناح و{إذا} ظرف متضمن معنى الشرط وجملة {آتيتموهنّ} في محل جر بإضافة الظرف إلها و{أجورهنّ} مفعول ثان لآتيتموهنّ.
{وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ} الواو عاطفة و{لا} ناهية و{تمسكوا} فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل و{بعصم الكوافر} متعلقان بتمسكوا.
{وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا} الواو عاطفة و{اسألوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{ما} مفعول به وجملة {أنفقتم} لا محل لها لأنها صلة ما، {وليسألوا} الواو عاطفة واللام لام الأمر ويسألوا فعل مضارع مجزوم بلام الأمر و{ما} مفعول به وجمل {أنفقوا} صلة.
{ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} {ذلكم} مبتدأ والإشارة إلى الحكم الوارد في الآيات و{حكم اللّه} خبر وجملة {يحكم} استئنافية أو حالية من {حكم اللّه} و{بينكم} ظرف متعلق بيحكم {واللّه} مبتدأ و{عليم} خبر أول و{حكيم} خبر ثان.
{وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا} الواو عاطفة لتتساوق الأحكام، و{إن} شرطية و{فاتكم} فعل ماض في محل جزم فعل الشرط و{شيء} فاعل {فاتكم} و{من أزواجكم} فيه وجهان أولهما يجوز أن يتعلق بفاتكم أي من جهة أزواجكم ويراد بالشيء المهر الذي غرمه الزوج لأنه ورد أن الرجل المسلم إذا فرّت زوجه إلى الكفار أمر اللّه المؤمنين أن يعطوه ما غرمه.
وثاني الوجهين أنه يتعلق بمحذوف على أنه صفة لشيء ثم يجوز في شيء أن يراد به ما تقدم من المهور ولكن على هذا لابد من حذف مضاف أي من مهور أزواجكم ليتطابق الموصوف وصفته ويجوز أن يراد بالشيء النساء أي نوع وصنف منهنّ، و{إلى الكفار} متعلقان بمحذوف حال أي ذاهبات أو سابقات، {فعاقبتم} الفاء عاطفة وعاقبتم فعل وفاعل أي فغزوتم وغنمتم وأصبتموهم في القتال، {فآتوا} الفاء رابطة و{آتوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والجملة في محل جزم جواب الشرط و{الذين} مفعول به وجملة {ذهبت أزواجهم} صلة و{مثل} مفعول به ثان و{ما} موصول مضاف لمثل وجملة {أنفقوا} صلة.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} {واتقوا اللّه} فعل أمر وفاعل ومفعول به و{الذي} نعت و{أنتم} مبتدأ و{به} متعلق بمؤمنون و{مؤمنون} خبر {أنتم} والجملة لا محل لها لأنها صلة {الذي}.
{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} {إذا} ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجمل {جاءك} في محل جر بإضافة الظرف إليها والكاف مفعول به و{المؤمنات} فاعل و{يبايعنك} فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون فاعل والكاف مفعول به والجملة حالية أي حال كونهنّ طالبات للمبايعة و{على} حرف جر و{أن} وما في حيّزها في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلقان بيبايعنك و{شيئا} مفعول مطلق أي شيئا من الإشراك.
{وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ} كلام معطوف على {أن لا يشركن} ومعنى {يقتلن أولادهنّ} كما كان الحال في زمن الجاهلية من وأد البنات، و{ببهتان} متعلقان بيأتين وجملة {يفترينه} حالية و{بين أيديهنّ وأرجلهنّ} الظرف متعلق بمحذوف حال من الضمير المنصوب في {يفترينه} أي يأتين بولد ملقوط ينسبنه إلى الزوج، وجميل وصفه بصفة الولد الحقيقي فإن الولد متى وضعته أمه سقط بين يديها ورجليها، {فبايعهنّ} الفاء رابطة لجواب {إذا} وجملة {بايعهنّ} لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم.
{وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الواو عاطفة و{استغفر} فعل أمر و{لهنّ} متعلقان باستغفر و{اللّه} مفعول به وجملة {إن اللّه غفور رحيم} تعليل للأمر بالاستغفار.
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} كلام مستأنف مسوق لاختتام السورة بمثل ما ابتدأها من النهي عن اتخاذ الكفار أولياء، و{لا} ناهية و{تتولوا} فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون و{قوما} مفعول به وجملة {غضب اللّه عليهم} نعت لقوما.
{قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ} الجملة نعت ثان لقوما أو حال بعد أن وصف، و{قد} حرف تحقيق و{يئسوا} فعل وفاعل و{من الآخرة} متعلقان بيئسوا و{كما} نعت لمصدر محذوف و{يئس الكفار} فعل وفاعل والجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول الحرفي و{من أصحاب القبور} فيه وجهان:
أحدهما أن {من} لابتداء الغاية كالأولى والمعنى أنهم لا يوقنون ببعث الموتى البتة فيأسهم من الآخرة كيأسهم من موتاهم لاعتقادهم عدم بعثهم.
والثاني أن من لبيان الجنس يعني أن الكفّار هم أصحاب القبور.
فيكون متعلق الجار والمجرور بمحذوف حال ومتعلق {يئس} الثاني محذوفا والمعنى أن هؤلاء يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار حال كونهم من أصحاب القبور من خير الآخرة.